المجموعة: آبادان (عبادان) الزيارات: ۱۶۷۴
علي عفراوي الطرفي
الشاعر علي بن عبدالحليم السالمي:شاعر من شعراء خوزستان و هو ينتمي الى عشيرة آل معرف القاطنة في الأهواز و عبادان و ضواحي المنيوحي. ولد في مدينة مشهد المقدسة سنة (۱۴۰۵ق- ۱۹۸۶م) المصادف ۱۳۶۴شمسي. نزحت عائلته من موطنها في أوائل اندلاع الحرب المفروضة بين ايران و العراق و استوطنت مدينة مشهد الرضا عليه السلام و نشأ في احضان والدية نشأة دينية تتحلى بولاية أهل البيت عليهم السلام، دخل المدرسة فأکمل دراسته الاعدادية و انخرط في سلک طلبة العلوم الدينية و جمع ما بين الثقافتين الحوزوية و الأکاديمية، فنال شهادة البکالوريوس من الجامعة العلوم الاسلامية الرضوية و کان فيها مدير التحرير لمجلة (النسيم الرضوي) و حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي من جامعة فردوسي في مدينة مشهد المقدسة و عنوان رسالته الجامعية (الانزياح البياني في الشعر الحسيني الحديث) کما واصل الدروس الحوزوية فدرس المقدمات و السطوح على يد أساتذة أکفاء هناک.
يقول المترجم له في کيفية دخوله الى ساحة الشعر: هويت الشعر منذ نعومة اظفاري و عنفوان شبابي و ذلک حينما تعرفت على صديقي الفاضل السيد سعيد غياث و کان عمري دون السادس عشر فکنا نقرأ للشعراء و الأدباء و ينشدني بعض القصائد لهم فاتمتع من الاصغاء اليها حتى وجدت في نفسي ولعا لاتقان هذه اللغة العظيمة و عندما دخلت في الجامعة الرضوية في فرع اللغة العربية و آدابها مارست اللغة بشکل جاد و ازدادت أشواقي و فاضت مشاعري و رأيت في نفسي موهبة شعرية تحدو بي الي انشاد الشعر و أنا دون التاسع عشر من عمري و کان استاذي الأديب و شاعر العراق الأريب المحقق الشيخ قيس بن بهجت العطار الکاظمي دافعا قويا في إجادتي الشعر حيث أخذ يملي علي الشعر و الأدب و علوم اللغة و يحفزني علي نظم الشعر و يدربني على الأساليب العربية و کيفية صياغة الشعر الي أن تمکنت منه بحمد الله و عونه.
و کتب الشعر على مذهبي الکلاسيکية و الرومانسية على أکثر الأوزان العروضية الخليلية من الطويل و الکامل و البسيط و الرمل و الوافر و المتقارب و الخفيف و المتدارک و في الفنون و الأبواب المختلفة کالمدح والرثاء و لاسيما في أهل البيت عليهم السلام و الغزل و وصف الطبيعة و الاخوانيات و غيرها. و له مشارکات في المؤتمرات العلمية و الأدبية و حصل على جوائز فيها، منها في مؤتمر الدولي للشعر العربي في الأهواز (نور الثقلين) و أنشد قصيدة بعنوان: (جنون الهوى في مديح المرتضي) فنالت اعجاب لجنة التحکيم و الجمهور الکريم. و له مجموعة شعرية و مقالات في الصحف و المجلات الايرانية و العربية و مشارکات في تحقيق المتون القديمة کمجموعة الشيخ محمد علي الأردوبادي، وله أيضا شرح و تحقيق ديوان الشاعر الحاج هاشم الکعبي الدورقي (مخطوط).
و من شعره:
(جنون الهوی في مدیح المرتضی)
عزفت بأوتار الفؤاد المثانيا*** فرجعت ترجيع الهزار الأغانيا
بأني وإن أضناني الشوق رأفة*** أنظم من مزن العيون اللآليا
و لا زال تسکابي برغم تصبري*** يجدد لي في وصل ليلى الأمانيا
أخير بين الوصل و البين مجبرا***وجدک لا أختار للحتف واقيا
ومن رام أسباب الهوى بتحفظ ***فلا الصب محمودا ولا الفعل ساميا
فکم عاشق کالغر يسعى إلى المنى*** فما نال حتى عشر جهدي ساعيا
أبوح بما أرضاه للنفس شافيا***فإن الفتى يأبى المرا والتجافيا
جنون الهوى أحلى إلي من الجنى***وإن کان مرا للخلي وعاصيا
و للحب آيات مبينة عسى ال***حبيب يراها کي يفسر ما بيا
لعمرک ما في الحب عارعلى الفتى***إذا عاد منه القلب يا صاح صاحيا
يثير شعورا کالضباب لطافة***فيجعل من قاس أرق حواشيا
وينمي بأکناف الجوانح مغرسا***سقاه الهوى ماء وما زال ساقيا
به سلوة المحزون ما دام باقيا*** فلو راح ثاب الحزن فيه تماديا
وجارت بنات الدهرحتى لأجلها***غدا الدمع في مجرى الخدود مجاريا
وليلة أنس قد خلوت بأنجمي***وفي خلدي يهمسن همسا تناجيا
وباعد بدرالليل شمس أحبتي***وجاور عن قرب نجوما جواريا
تؤرقني حتى أراها بمهجتی***وحسبک منها أن تجس فؤاديا
تذکرني ما راق منها وطالما***نأت عن سماها واستحلت سمائیا
أراعي نجوما تخطف اللب بغتة***فتحسبها عيني حسانا روانيا
تغازل طرف الصب لمحة واجل***مخافة نمام يريد التنائيا
فاني کأغصان يرنحها الصبا***ثوی موکب الاشواق عند جواریا
بأهواز أنجزت المواعيد کلها*** بجمع من الأقمار زانوا اللياليا
*******************
أعد نغمة الأوتار للسمع ثانيا***ويا حبذا لو تستعيد المثانيا
غدا نشر ذکرالمرتضى متضوعا***فعادت عراص الدهر منه غواليا
کما العود يذکی في البيوت قليله***فمنه قليل العطر يذکى المواميا
تقر عيون المجد ملء جفونها***کذاک استقر الفخر في الأفق عاليا
سأقطف أثمار الولاء بجنتي***وأقسم أني لا أزال مواليا
علي المعالي لم نجد غير وصفه***أناف على سمک السماک تعاليا
ونفس تحلت بالنفائس فازدهت***فباهى بها نفس العلي تباهيا
بخاتمه جودا تصدق راکعا***وقد کان اِرثا من سليمان آتيا
طفيف عيار الفضل منه کثيره***ترى البحر لکن لست للجوف رائيا
فعال أمير المؤمنين معاجز***بها کل خصم قد تحدث راويا
له شيمة تسمو السجايا کأنها***نسائم نجد تستميل الأقاحيا
فأطعم مسکينا فقيرا ومؤسرا*** ثلاثة أیام علی السغب طاويا
کمي يراع الجيش من ذي فقاره***يرى الجيش في متنيه موتا ملاقيا
ويعسوب دين الله في البأس والحجى***تهاوی العقول العشر منه جواثيا
يشتت أحزاب اليهود بکرة***کزعزاع ريح لم تدع متواريا
يمد بمستن العراک عواسلا***فتحسبها من نهشهن أفاعيا
وکف له شالت بخيبر بابها***وصبر العدى فيها أمض التراقيا
وکم ضربة نجلاء منه بخندق ***و بدر وأحد قد أذلت أعاديا
هوالجبل الراسي الذي ظل ثابتا***يذود عن الإسلام کالسيف ماضيا
يبدد من دون الرجال کتائبا***يحامي عن الطهر النبي مواسيا
وأضحى على مر الطعان کجمرة***أماثت کبودا حيث شابت نواصيا
تلوح أسارير الهدى في جبينه***فها هي في الظلما تنير الدياجيا
کفى البدر زهوا أنه من شعاعه***ولولا ضياه لم يکن قط زاهيا
له خطب غراء فاقت بلاغة***وفاقت بنات الفکر منها المعانيا
عليها جرى ماء البيان سلاسة***وقلدن من وشي البديع دراريا
فخامة ألفاظ نظمن تمائما***فسطرن في الأطراس سحرا مداويا
کأن المعاني في متانة سبکها***جداول ماء قد غمرن الرواسيا
ولا فخر ان نلقاک للفخر سيدا***وللمجد تمثالا وللحق داعيا
بعيد الغدير الرب أکمل دينه***وخلفه طه إماما وهاديا
فقال لهم من کنت مولى له فذا***علي لکم بعدي وليا و واليا
وصححه حتى البخاري ومسلم***فما بالکم ترضون فيه التعاميا
يحدث مأثور الرسول مآثرا***بأن عليا أعلم القوم قاضيا
ومن لابن خطاب سواه مناصح***يکرر لولا المرتضى کنت فانيا
وقال أبو مکر مثيل مقاله***أباحسن لا عشت بعدک باقيا
لمعضلة حلت ولست لها يدا***وکانت يداه للدواهي دواهيا
أروني له ندا وکیف رایتم***عدو علي حاز تلک المعاليا
ولا فضل يعلو للفخور فإنما ال***مقاليد مبناها لمن کان بانيا
فويح الوهابيين کيف تنکروا ***وغطوا بغربال شموسا عواليا
أتنکر شمس أزهر الکون نورها***وقد جاوزت قلب السماء تناهيا
حذار بني الأهواز من ختل حية*** تقطر سما لا تروم التصافيا
فکونوا وعاة من خبائث مکرهم***وصیحوا بأقطار البلاد تنادیا
لنحن أناس لا نخون ولاية***وجدنا بها رب البریة راضيا
يشب على حب الولاء صغيرنا***ويزور عن غصب الثلاثة آبيا
وهیهات أن نستبدل الدر بالحصی***وللجبت والطاغوت نمسي مواليا
ترعرع کل في حجور کریمة***بها سمة الأحرار تأبی المخازيا
إذا بايعوا کانوا على العهد موثقا***يموتون من دون الوصي تفاديا
وهذا اعتقادي بالوصي تفاخرا***وهذي موالاتي ستبقی کما هیا
قصیدي رذاذ الورد رقق لفظه***ورسل الخزامی بلغته التهانیا
وکم درر فصلتها بعرائس***تناغي بأسماع الزمان تناغيا
قنصت شرود الفکررغم جموحه***وزوجت أبکار المعاني القوافیا*
(ملحمة الطفوف)
(بحر الرمل)
ليلة العاشر من محرم***قد أباحت ما أباحت من دمي
جمّع السبط حماة المُحْکم***من "حبيب" و" زهير" المُعْلِم
و" هلالٍ "والعفرنى" مسلم"***کلّ مقدام غیور ضيغم
مزج الدّرّ بدرّ ینهمي***کَلِماً نثرا بدمع مُسجم
قال سيروا بطريق مظلم***وانتحوا عن القضاء المُبرم
لا نرى العزّ بکسب المغنم***إنّما عزّ الفتى بالمخذم
لم نکافح في الوغى إلا الکَمي*** بالعوالي للمعالي نرتمي
غسّلت بيض ظباها بالدم*** و محا من حمرها لثم الفم
تتهاوى کالنجوم الرّجم***في صعيد المجد جنب العلقمي
(إنّنا بالقتل نرجو الجنّتين)
حلّقت فوق الطغاة أنسر***ولحبّات القلوب تبدر
نزلت بين الرماح تزئر*** و لواء الحق فيها أقمر
ملء درع من دماهم تقطر***صفحات في اللّيالي تزهر
تتبارى والمنايا تبصر***من على حرّ الحديد ينحر
صافحوا المقبض صفحا يجدر***بالکماة الصيد ضربا يصبروا
نفسهم من خلقهم تستعطر***وحشاها منهما تستمطر
کبّروا نيل الخلود کبّروا***و فداء للغريب جزّروا
ظلّ فرد الدهر فردا ينظر***لصحاب بالطّفوف غودروا
قال:صحبي ما لکم لم تنصروا***مستغيثا بين کفر يقهر
(أنتم أقطاب حرب ورحاها)
هبّ جيش بالسيوف مقبلا***عنتا شمّر شمر بالقلى
جحدوا فضل أبيه في العلى***أ نسوا من جدّه في کربلا؟!
ألقت الأجناد فيها کلکلا***ورموا صوب الکرام أ نصلا
فتية کالنجم ليلا تجتلى***تتوالى من خباها أشبلا
أجّجت نارالوغى والقسطلا***واستماتت أمثلا فأمثلا
فرحت آل زياد محفلا***و بکی من فعلهم صخرالفلا
هاجس الشيطان فيهم معجلا ***ما لکم هذا حسين أعزلا
اذبحوه واسلبوه مرملا***جرّعوه من طعان حنظلا
(ويلتاه ويلتاه يا حسين)
خرج الأکبر ليثا غاضبا***من بني طالب يدعو طالبا
ضمّ للصدر يقينا حاجبا***عندما شدّ تجلّى قاضبا
ينظر السبط عليّا سالبا***من لئام النفس عزما خائبا
يسکب الشمع-وکان الذائبا-***في ذويّ الورد درّا ساکبا
إنّه المغوار يردي الناهبا***ويفلّ العضب منه ضاربا
يرسل النبل شهابا ثاقبا***يرجع المنحر منه لاهبا
يحسب العيش غرابا ناعبا***ويرى الحتف غزالا کاعبا
غاية المقدم سلب السالبا***أو رحيق الخلد يسقى شاربا
بضّعت منه السلاح الغاربا***فانحنى المجد عليه ناحبا
(ويلتاه قطّعوه بالمواضي)
قاسم بن المجتبى بدر أضا***يتحلّى بحسام منتضى
نهضت فيه المساعي منهضا***دون مرماها مباتير القضا
سطوات من عليّ المرتضى***ورثتها کفّه لمّا مضى
نبضت أعراق فهر منبضا***کادت الحرب بها أن تجهضا
رهج الحرب بهم سدّ الفضا***وزؤام الموت فيها نضنضا
حرّض الجند الضبابي مبغضا*** وعلى قتل المفدّى حرّضا
وتّد النفس و هدّ المقبضا***بالضّراب المرّ حتّى قوّضا
إنّ في الموت حياة ترتضى*** فعلى ضيم العدى ما غمّضا
بسيوف الغدر قاسى مضضا***وبخيل جامحات رضرضا
(يا لها من فجعة في کربلاء)
راية الضرغام فيهم ترفع***فلها نجم الثّريا تخشع
زمجر العبّاس بأسا يقطع***منهم الهام وفيهم يقمع
لبس النقع السماء الأوسع***وتروّى بالدماء البلقع
وکأنّ الرمح طعنا يشبع***أذن الحرب لحونا تسجع
وکأنّ السيف موت يلمع***بنيوب وبصاب يهمع
للمنايا هو ساع مولع***وبيوم قمطرير يسرع
فغرت فاها قضاء تبلع***فيرى فاها أقاح تطلع
خاض في غمرتها لا يجزع***من کفوف قطعتها الأضبع
ضمّه تحت العوادي المصرع***وعيون الفضل حزنا تدمع
آل حرب لا سقتک الهاطلات
يا لطفل کالجواري الکنّس*** يتلظّى بالهجير المشمس
بقماط الفخر زهوا مکتسي***وهو يزهو من تليد المغرس
لاذ من جور الظلام الحندس*** کلسيع بأبيه الأشوس
برعم جفّ بحجر النّرجس***فتدلّى بأريج النّفس
شفّه أهل الدّمى والأکؤس***بالظّمى والسهم منه يحتسي
برفيف الدم لا بالملبس***ألبس الطّهر حرير السندس
فرماه بزفير الأنفس***قربة الباري بطرف مغمس
ما هوى العندم فوق اليبس***فاکتسى الدهر بلون القبس
مسّه العرش بلطف الملمس***والأسى حلّ بأفق أطلس
(يا لطير يتنزّى بالعراء)
شجنا عين المعالى تذرف***لطريح بنجيع ينزف
أين منه هاشم وخندف***و الأعادي للبراز تهتف
أين منه والعوالي ترعف***وعميد القوم منها يندف
إنّها من دون ريب تعرف***هو في ضنک المنون أأنف
صال کاللّيث الهزبر يسرف***في الوغى قتلا ومنهم ينطف
في يسار راية ترفرف***ويمين شعّ فيها المرهف
هزّ رمحا في الصدوريعطف***وحساما بالرؤوس يقطف
رجّت الأرض وکادت تخسف***والمواضي بالأيادي ترجف
حيث ضحّى واستثار الموقف***وعداه من دماه تقرف
(وا حسينا وا حسينا وا حسينا)
قتلوه دون ظلم بالظما***وسقوه بدل الماء الردى
طاح جسم عافرا فوق الثرى***فيه قرآن الأناسيّ انطوى
زلزلت من وقعه "أمّ القرى"***وهوى من هيکل الدين الذّرى
خرّ مکسورالجناح بالعرا***فجرى دمع البتول وا نهمى
وعفت من صدره خيل العدى***منبع السّر و کنز المصطفى
وجرت فوق بحور من دما***سفن تاهت بمجراها الورى
و نعى جبريل منه ما نعى***وعلا صوت بکرب وبلا
جلجل الشرک عتوّا واعتلى***واختفى من بعده نور الهدى
لبس المجد له ثوب العزا***وغدا يوم الضحى ليل الدجى
(نور عيني يا حسين يا حسين)
فقدت زينب غصبا خدرها***وکفيلا کان يحمي سترها
تحمل الأرزاء تطوي جمرها***إن غدا الحزن يجاري صبرها
وقعة تجرع منها مرّها***وبنهر العين تروي قفرها
و تُبَکّي بنشيج صخرها*** يا لها من مشهد حيّرها
کم يتيم يتمشّى إثرها***وبعصر الصدر يسقي صدرها
قد غدا حصن اليتامى حجرها*** تمسح الهام وتذري درّها
تتصادى عن ظلوم جرّها***حذر السوط يدمّي ظهرها
وطغى الغدر فعفّى دهرها***وأباح العلق مذ أسّرها
غُصَصٌ دُهْمٌ أصابت عمرها***کشجا أوشک يفري نحرها
أوحشتها محن توهي القوى
************
(کارون وأشواقي الزرقاء)
کارون تيار الهوى حياکا***وهمى السما بجمانه بياکا
منک العطاء غدا يفيض تدفقا***فرأيت أکرم ما يجود عطاکا
بضفافک الخضراء آية ساحر***کل الجمال ثوى بظل فناکا
تتلاعب الأمواج فوقک لم تجد***مهوى سوى أرجاء خصب ثراکا
فترف أجنحة الطيور صبابة***وکأن من طرب تصيح فداکا
رقصت وملء الثغر ترجيع الهوى***و تلت سطورا من غرام هواکا
تعطي الحياة وإن تفاقم أمرها***نبض الوجود يدق في مجراکا
شهب السنين تفر منک فلم تطق***إلا بساحة عزک الإمساکا
فوهبت للسفح النضير نضارة***تدع البلابل تحتمي بحماکا
ولأنت أعذب مرشفا وأحبه***في القلب والعينين ما أحلاکا
لک دجلة الخير ازدهت ببهائها***فحکت رحيق رضابها شفتاکا
وتشوقت بيض المشاعر بعدما***نظرت لزرقة عينها عيناکا
حلم المحب تنفست في نفسها***وحکت رقيق وصالها فحواکا
وأبنت أروع منظر لفراتها***حتي أقر خريره بثناکا
والنيل يشبه زهوه ورواءه***عرصاتک الغناء حيث يراکا
فکأن في سفر الخلود کتبتما***عهد الإخاء فما يزال أخاکا
تتکدر الأزمان لما کدرت*** أيدي الجهالة من صفاء رؤاکا
إذ في حشاک الثر إکسير الدنا***يذر البدائع من هنا وهناکا
عجبا لأولاد تعذب أمها***حتى غدت من ظلمها تتشاکى
أ جزاءها بعد الحنان مهانة***و هي النما قد أرضعت أملاکا
فإلى محالبها تضم ثلاثة***عرب الندى واللروالأتراکا
کارون إن قلوبنا بک دقها***فمن المرؤة أن ننال رضاکا
جيلا فجيلا جاورت أجدادنا***أطيافک الزرقا وخضر کساکا
إذ کنت مأوى النازلين و رفدهم***فبقاءهم متواصل ببقاکا
حنت النخيل عليهم بعذوقها***لما سقيت جذورها بنداکا
لله من دررلفظت بها وکم***لفظت وفود مجتنى معناکا
حاشاک من حنق على ضيف أتى***ومن المکاره للورى حاشاکا
ما غاص فيک السابحون تسليا***إلا تسر طلاقة سيماکا
وأرى غريقک في جفونک راقدا***و يحف جانبه غنى مغناکا
وکأنما لما رأيت هلاکه***قد خلته فرحا يريد لقاکا
فجذبته للصدر ضمة مدنف***لم ينج منها للخلاص فکاکا
عرفت طباعک من قديم زماننا***کنت الملاذ وللسلام ملاکا
طابت مياهک و الضفاف کذاکا***وأدام رب الخلق ما أولاکا*
حکاياتي مع قره سو
قره سو"ملء خميلک المفتون***نفثات سحر من مهاک العين
ولأنت رب الحسن فقت غضارة*** بمعينک الجاري على جيحون
وتبخترت أکنافک الخضراء بال***شجر المطل و زينة التکوين
قضبانها رقصت لتغري أعينا***سکرت بلحظ حراکها الموزون
أشهى و أبرد في اللسان رضابک ال*** معسول من شهد ومن زرجون
وعلى نقي طلاک سمطا جوهر***و زمرد قد نظما بغصون
ورواءک المثلى يمثل ما بخا***طري المولع من ربى يبرين
لأريجيک الفياح في جو الفضا***نسم الهوى و سلافة التسکين
أضحکت ثغر الدهر في وضح الضحى***ولئن بکيت بکاک وبل هتون
ولکم يغرد في غرامک طائر***بين الرياض ومائها والطين
ثملا يحلق في ربوعک حيث فا***ح الورد بالنفس الندي بلين
تخذ الجبال الشم فيها منبرا***يطري عليک روائع التلحين
وأفاض من تغريده شلالها***بنثيره وخريره المجنون
فتنضدت وتلألأت من حولها ***عطل البطاح بلؤلؤ مکنون
وکأنما وشل الصخور إذا جرى***عبرات شوق رقرقت بجفوني
للجينه الرقراق کل حدائق*** خضر الوشاح بديعة التلوين
قد صفقت بوريقها شوقا له***وتمايلت من غنجها بسکون
********************
"قره سو"ما يصبيک من قطرالندى*** و رنينه و صفاءه يصبيني
روحي وروحک توأمان فکل ما*** يشجيک من ضنک المدى يشجيني
ووجيف قلبي من رفيف فؤادک ال*** نشوان راح صبابة يغريني
وعيونک الزرقاء إعجاز الحيا*** ة بروعها اختلست رنو عيوني
تکسوک کف الصيف برد نضارة*** ياليت من أبراده يکسوني
واها على تلک السنين العجف و***لْت بين تسويف وبين شطون
قسما بسوحک حيث ترفل بهجة***بحريرها الفضفاض في تحسين
زحزحت عن مهوى المشاعر لوعتي***ومحوت عن وجه الزمان دجوني
ما خلت يصفو مشربي يوم اللقا***ء و لا ظننت يروق في مظنوني
لکنما صفو الدلال أدلني***ما فيک إلا سلوة المحزون
بسمات زهرک علمتني حکمة***إن التبسم بلسم لشجوني
أقفو خطاک تأنيا نيل المنى***ومؤملي في المطلع الميمون
کم للهوى نارا يکاد رسيسها***بشراره في المنتآى يسبيني
نغم من الحس الغريب تشدني***بظلالک المسحور تحت التين
وسعيت في کشف الغموض وإنما***معناک فوق اللفظ والمضمون
فبک العجائب رفرفت بصنوفها***ورأتک سر القمقم المخزون
تاهت نفوس الوالهين تفاعلا***وحدا الهيام بها إلي التحنين
إن علقت بک تستطيب وإن نأت***جادت بدمع في الفراق سخين
أفتبلغ الأوصاف شأوک مربعا***ولأنت محض جدا و مخض سنين
ذکراک يبقى في الضمير وميضها***ولطيف ذکرک لا يزال قريني
و فمي سيلهج مفصحا عن خافقي***بنشيده عن يومک الممنون
(بسمة ليلتي)
قمر بل قوس من الذهب***لاح من بين دجنة السحب
قد رمى قلب الليل عن وتر***حرر الشارقات في الکثب
حبذا ليلتي و أنجمها***فهي أبهى رؤى من العرب
شعشعت جذلى عندها سمرا***بين أجرام الأفق والشهب
وکأن السماء لو کشفت ***خودة سمرا بين منشعب
نهبتني أجواءها حرقا***ما ألذ العذاب من نهب
وکأني أرنو الى أمل***رغم بعد المسار في القرب
وکأني فحوى الهوى قدما***فاصطفتني أسطورة الحقب
فضحت سر داخلى درري ال***عاشقات تنهل کالغرب
وهمت فوق الوجه جارية***کالمجاري سالت على الهضب
مزجت في مکنونها حلم***ما دنا منها وصمة الريب
عاد دهري من بعد ضربته*** في لساني أحلى من الضرب
ليت ما يصبيني يراودني***أو يمنني نشوة الطرب
لا تراني أهوى سوى قمر***شع أفقي وانقض في دربي
***************************